القول الفصل في صحة صيام العشر (2)
ذُكِر حديثان في الصّيام خاصّة ويبدو من ظاهرهما التّعارص . أحدهما أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم صام العشر والآخر أنّه لم يصمها فما وجه الجمع بينهما ؟ ننظر في أقوال أهل العلم : فقد سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن هذا فأجاب : قد تأمّلت الحديثين واتّضح لي أنّ حديث حفصة فيه اضطِّراب، وحديث عائشة أصحّ منه. والجمع الذي ذكره الشّوكانيّ فيه نظر، ويبعد جدًا أن يكون النبي ﷺ يصوم العشر ويخفي ذلك على عائشة، مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيّام؛ لأنّ سودة وهبت يومها لعائشة، وأقرّ النّبيّ ﷺ ذلك، فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع. ولكنّ عدم صومه ﷺ العشر لا يدلّ على عدم أفضليّة صيامها؛ لأنّ النّبيّ ﷺ قد تعرض له أمور تشغله عن الصّوم. وقد دلَّ على فضل العمل الصالح في أيّام العشر حديث ابن عباس المخرّج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح. فيتّضح من ذلك استحباب صومها في حديث ابن عباس، وما جاء في معناه. وهذا يتأيّد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطّراب، ويكون الجمع بينهما على تقدير صحّة حديث حفصة أنّ النّبيّ ﷺ كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطّلعت حفصة على ذلك و...