المرأة المسلمة وحجابها الشّرعيّ

 

رسالة إليكِ اختي وابنتي :   

 المرأة المسلمة وحجابها الشّرعيّ *  *

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه وأصلّي وأسلّم على النّبيّ المختار سيّد الأوّلين والآخرين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واتّبع هداه إلى يوم الدّين .

أمّا بعد :

فإنّ الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطّاعة والبراءة من الشّرك وأهله. ولذا فالمرأة المسلمة رحمك الله اختي في الله , من استسلمت لله عز وجل وسلّمت قلبها وجوارحها لبارئها الذي خلقها ورزقها ولم يتركها هملا. فالمسلمة تطيع خالقها فيما أمر وتخشى من مخالفة أمره في كل شئون حياتها.


 فممّا يميّز المرأة المؤمنة عن غيرها أنها تحافظ على لباسها الشّرعي الّذي اختاره الله عزّ وجلّ لها, فلا تبحث عن بديل له وهي تعلم يقينًا أنّ الله تعالى الأعلم والأحكم في اختياره لها.

 

فإن قلتِ اختي: أنا أطيع خالقي وأستر جسدي فلا يبدو منه شيء كما أمرني ربي لا أظهر منه شيئًا, وفي نفس الوقت أحبّ أن يكون جميلا أنيقًا جذّابًا مميّزًا, فإن الله جميل يحبّ الجمال,

- فأقول لك : نعم لبست لباسا رحمني الله وإيّاك قد يسمّيه البعض ساترًا لكنّه في الحقيقة ليس كذلك, بل يبرز مفاتنك أكثر ، والمرأة مأمورة بإخفاء كل زينتها أمام غير المحارم.

فإن قلت لي : من أين لك هذا الكلام ؟  ولِمَ أُضَيِّق على نفسي وألبس ما يجعلني وكأنّني امرأة عجوز قد بلغت من الكبر عتيّا . وما دليلك على هذا الكلام أم أنه من بنات أفكارك؟

فأقول لك : لا يحل لأحد أن يُحِلَّ ويُحرِّم ما يريد, بل ما أقوله لك من كتاب الله عز وجل, فهو المشرّع لنا والحلال ما أحلَّه الله والحرام ما حرّمه الله سبحانه وتعالى. فهو القائل عزّ وجلّ :

" وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)" سورة النّور

 

وأنت بلباسك هذا تُظهِرين الزّينة لا تخفيها, والحقيقة والشّاهد يبيّن أن هناك فتيات غير محجّبات ربما تكون أستر من تلك الفتاة التي تزيّنت بشالها وقميصها وثوبِها الضّيّق الشفّاف الّذي يبرز مفاتن جسدها, وبنطالها العجيب تستحي المؤمنة الصّالحة من لبسه أمام محارمها في البيت .

وإن قلت : وهل يحرم عليَّ ان أبدو أنيقة جميلة حتى أخرج بلباس أبدو به وكأني امرأة مسنّة؟

فأقول لك :المرأة المسلمة يحل لها إظهار مواضع الزينة من جسدها أمام محارمها في بيتها, لكن إن خرجت أمرها ربّها ومالكها ومدبّر أمرها أن تخفي كل زينة في جسدها وفي لباسها, فقد قال الله عز وجل في آية الحجاب في سورة النور اية 31 : " وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " فإذا الضّرب بالرّجل ليسمع صوت الخلخال تبرج وزينة فما بالك بوضع الأصباغ على الوجوه وبناء الاظافر واحمرارها, وما بالك رحمك الله بلباس يبرز الصدر والخصر والأفخاذ. وأصبح الشال لابراز الجمال لا لإخفائه.

وأذكرك أختي بأمر آخر, إذا المرأة الكبيرة في السن الّتي لم يعد للرجال فيها مطمع بيّن لها الشّارع الحكيم أن تستعفف وتخفي زينتها خير لها, فما بالك بالمرأة الشّابة الّتي باتت شرّ ووبال على الرّجال في هذا العصر الّذي كثر فيه الاختلاط المحرم بين الجنسين؟ فقد قال الله تعالى في سورة النور " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)"

ولماذا تستجيب المرأة المسلمة لنداء الشيطان الذي يدعوها لتغيير خلق الله ولا تستجيب لنداء ربها الذي يملكها ويدبر أمرها؟

فقد قال الشيطان كما قال الله عز وجل في كتابه:

" ...وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119)" سورة النساء

 

وفي حديث النّبي صلى الله عليه وسلم ورد النّهي عن هذا التّغيير لخلق الله فقد جاء في الصحيح عن ابنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَال: "لعنَ اللَّه الْواشِماتِ والمُستَوشمات والمُتَنَمِّصات، والمُتَفلِّجات لِلحُسْن، المُغَيِّراتِ خَلْق اللَّه"، فَقَالَتْ لَهُ امْرأَةٌ في ذلكَ، فَقَالَ: "وَمَا لِي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّه ﷺ، وَهُو فِي كِتَابِ اللَّه؟! قَالَ اللَّه تَعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]" متفقٌ عليه.

 

وعَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا: أنَّ امْرأَةً سألتِ النبيَّ ﷺ فَقَالتْ: يا رَسُولَ اللَّه، إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الْحَصْبةُ، فتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وإنِّي زَوَّجْتُها، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: لَعَنَ اللَّه الْواصِلةَ والْمَوصولة. متفقٌ عليه.

وفي روايةٍ: الواصِلَةَ والمُسْتوصِلَةَ

 

وَعَنْ حميْدِ بن عبْدِالرَّحْمن: أنَّهُ سَمِعَ مُعاويَةَ رضي الله عنه عامَ حجَّ علَى المِنْبَر، وَتَنَاول قُصَّةً مِنْ شَعرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرِسيٍّ، فَقَالَ: يَا أهْل المَدِينَةِ، أيْنَ عُلَمَاؤكُمْ؟ سمِعْتُ النبيَّ ﷺ يَنْهَى عنْ مِثْلِ هَذِهِ ويقُولُ: إنَّمَا هَلَكَتْ بنُو إسْرَائِيل حِينَ اتَّخذ هذه نِسَاؤُهُمْ . متفقٌ عليه.

 وعَنِ ابنِ عُمر رضي اللَّه عنْهُما: "أنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ لَعَنَ الْواصِلَةَ وَالمُسْتوصِلَةَ، والْوَاشِمَة والمُستَوشِمة" متفقٌ عليه.

 

 المقصود من الحجاب - هداني الله واياك للحق - لستر الزينة لا لإظهارها. فحجاب المرأة الذي تقولين أنه يجعلها كبيرة السن, حسبك أنه طاعة لربك, يؤدي ما افترضه عليك خالقك ومن يملك أنفاسك.

وإن قلت : يصعب على فتاة مثلي ان تترك اللباس الجميل وان تخرج بلباس مثل هذا اللباس الخالي من كل زينة , بل أسودا يبدو موحشا.

فأقول لك : اعلمي يقينا ان تركتِ ما تحبين لاجل الله عوضك خيرا مما فاتك من هذه الزينة القصيرة المدى محدودة السعادة في الدنيا .وليس شرطا أن تلبسي الأسود منه, بل كل لباس ساتر يوفي جميع الشروط اللازمة في حجاب المرأة المسلمة , فسعادة المؤمنة في قلبها وبقربها من خالقها, وكم من متزينة مبرزة لمفاتن جسدها الا انها لا تجد لذة في الدنيا ولا سعادة, واسال الله العليّ العظيم أن يغفر لها وأن يرحمها ولا تشقى في الآخرة بسبب عصيانها لربها . وإن شاء الله يعوضها الله عز وجل في الآخرة أضعاف أضعاف ما تركته من زينة هذه الدنيا الفانية حيث أن الله بشرها بجنة لباسها السندس والاستبرق ، جنات تجري من تحتها الأنهار, فيها سرر مرفوعة. والنبي صلى الله عليه وسلم قال :" وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا ، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " رواه البخاري .

واعلمي رحمك الله , أن سبب هذه المظاهر التي نراها في اللباس المخالفة لما أمر الله به , ما هو إلا بسبب ضعف الإيمان , فكلما قوي الإيمان كلما سارعت المؤمنة لتحسين لباسها حتى ترضي خالقها تبارك وتعالى , وكلّما ضعف الإيمان كلّما رأينا التّنازل الأكبر عن خصائص  اللّباس الّذي يحبّه الله ويرضاه. ولكلّ درجات ممّا عملوا ,ليسوا سواء عند الله تبارك وتعالى.

فالله تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ " الأحزاب 33

وقال:" وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ" سورة النور 31

وقال " وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ" سورة النور 31

وهذا دليل على أن لباس المرأة لما نزلت هذه الآيات كان طويلا , لقوله يخفين زينتهن وهو الخلخال وهو في الساق , فإذا السبب الأول هو ضعف الإيمان . وهذا الضّعف كثيرا ما ينجم عن جهل في هذه العبادة المأمورة بها المرأة المسلمة فلا تعرف فيها إلا التقليد.

والسبب الثاني :ضعف الحياء , فقد قل الحياء عند النساء مؤخرا لما يسمعنه من وسائل الإعلام ومما يقلدن غيرهن من غير المسلمات , ومما يتعلمنه مما هو مناقض لهدي الإسلام .

وربما يدخل في الأسباب : أولياء الأمور الذين لا يتقون الله تعالى في نسائهم وأخواتهم وبناتهم فلم يحفظوا الأمانة التي ائتمنوها فقد قال الله عز وجل " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)سورة التحريم

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألا كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه؛ فالأميرُ الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيتِه، والرجلُ راعٍ على أهل بيتِه، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه ..." صححه الألباني ، صحيح الأدب المفرد ١٥١

ومن الأسباب : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فقلما نجد من ينهى النساء عما هي عليه من المنكرات والتبرج والسفور .

هداك الله يا ابنتي ويا اختي المسلمة  فاستعيني به وأخلصي النّيّة بطلب الهداية يعينك ويسددك.

 

وهذا ما تيسّر لي كتابته ناصحة لك لعلك تتأثرين بكلامي,وأسأل الله تبارك وتعالى أن تكون كلماتي خالصة لوجهه الكريم, ولعلي قد تركت بعض ما يتعلق بشروط حجاب المرأة, فيمكنك الرجوع لما كتبه أهل العلم الذين يسيرون على منهج السلف في هذا الباب, فقد كتبوا ما فيه الغنية والكفاية, فإياك وتصديق من يزين لك ويفتيك بجواز التبرج والتنمّص ولبس المزين من اللباس.

هدى الله الجميع لما يحبه الله ويرضاه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

وكتبته الفقيرة إلى الله (أم عكرمة )


لتحميل الملف من هنا 


ومن هنا 

بيان صفة الحجاب الشرعي


          

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قطعة فهم مقروء _ صف ثاني

امتحان فهم مقروء ----- للصف الثالث

أسئلة في سورة الغاشية