مناقب معاوية -رضي الله عنه-

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

 

منقول من موقع سحاب سابقا

والمقال هو رد من الشيخ ربيع حفظه الله تعالى وأمد بعمره على طاعته, ويبدو أنني لم أنقله كاملا وكان الهدف من نقله اظهار مناقب الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه ردا على من أساء الرواية عنه رضي الله عنه


واسم المقال :

بيان مناقب معاوية -رضي الله عنه- والذب عن صحيح مسلم

وعن العلماء الذين أجمعوا على صحته وتلقوه بالقبول والاحترام

 

يقول الشيخ ربيع وفقه الله وسدده في بداية مقاله :

" فقد اطلعتُ على مقال للدكتورة سهيلة زين العابدين نشرته "جريدة المدينة" يوم الثلاثاء، الموافق (10/4/1432هـ)، تحت عنوان: " معاوية رضي الله عنه المفترى عليه “1-2”

هل يُعقل أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام يلعن أحد كتاب وحيه وصحابته، وهو ناهٍ عن سبهم؟"

وهذا العنوان غلط، فالإمام مسلم –رحمه الله- لم ينقل حديثاً فيه لعن من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-لمعاوية -رضي الله عنه-.

وقبل مناقشة هذه الكاتبة ينبغي أن ننقل هنا بعض فضائل معاوية –رضي الله عنه-."

بعض فضائل معاوية –رضي الله عنه-.

أ- إن لهذا الصحابي الجليل منـزلة ومكانة عند أهل السنة والحق، وله قبل ذلك منـزلة عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- منها أنه صاحبه وصهره، ومنها أنه من كتاب وحيه المأمونين.

ب- لقد دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوة عظيمة، فعن عبد الرحمن بن أبي عميرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لمعاوية: "اللهم اجعله هاديا مهديا وأهد به" ، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (4/216)، والترمذي في "سننه" حديث (3842)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (246)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/180)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم (1969)، ساقه من طرق إلى سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وعن العرباض بن سارية –رضي الله عنه- قال سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ وَقِهِ الْعَذَابَ" ، أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" حديث (4/127)، وفي "فضائل الصحابة" حديث (1748)، والبزار حديث (2723)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/251)، وأورده الألباني في "السلسلة الصحيحة" حديث رقم (3227) وذكر أن جماعة من الصحابة رووا هذا الحديث وهم عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أبي عميرة المزني،ومسلمة بن مُخلَّد، ثم ذكر مع روايات هؤلاء مرسل شُريح بن عُبيد، ومرسل حَرِيز بن عثمان.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ: نَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ، قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ"، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (2799)، ومسلم حديث (1912).

وعن أُمّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ، قَالَ: أَنْتِ فِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا". أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (2924) والحسن بن سفيان في " مسنده " وعنه أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 62 ) و الطبراني في " مسند الشاميين" رقم (444).

قال الحافظ ابن حجر: "قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر" ، "الفتح" (6/102).

 

ولمعاوية جهاد عظيم لإعلاء كلمة الله وفتوحات ومزايا أخرى، منها السماحة والكرم والحلم والأناة والعدل، ولو لم يكن له إلا فضل الصحبة لكفاه.

قال أحمد -رحمه الله- في "أصول السنة" (ص62) بعد أن ذكر فضل الخلفاء الراشدين:

" ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- القرن الذي بعث فيهم، كل من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه، وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر إليه نظرة، فأدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه، ولو لقوا الله بجميع الأعمال، كان هؤلاء الذين صحبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ورأوه وسمعوا منه ومن رآه بعينه وآمن به ولو ساعة أفضل لصحبته من التابعين ولو عملوا كل أعمال الخير".

وسُئل عبد الله بن المبارك عن معاوية -رضي الله عنه- فقال: "ما أقول في رجل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سمع الله لمن حمده، فقال خلفه: ربنا ولك الحمد، فقيل له: أيهما أفضل ؟ هو أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال: لتراب في منخري معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز" ، "تأريخ دمشق" (59/207)، و"البداية والنهاية" (8/148).

 

منقول من موقع سحاب سابقا

والمقال هو رد من الشيخ ربيع حفظه الله تعالى وأمد بعمره على طاعته, ويبدو أنني لم أنقله كاملا وكان الهدف من نقله إظهار مناقب الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه ردا على من أساء الرواية عنه رضي الله عنه

 

 

ثم روى بإسناده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة".

ثم ساق بإسناده إلى جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- إلا أنه قال فيه: "زكاة وأجراً".

ثم ساق حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرة أخرى بإسناده إلى أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته شتمته، لعنته، جلدته، فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة".

ثم ساق نحوه من طرق إلى أبي هريرة -رضي الله عنه-.

ثم روى بإسناده إلى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما أنا بشر وإني اشترطت على ربي -عز وجل- أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته، أن يكون ذلك له زكاة وأجرا".

ثم ساق حديثاً عن أنس -رضي الله عنه- في هذا الباب.

ثم بعد كل هذه الأحاديث، قال:

حدثنا محمد بن المثنى العنـزي. ح وحدثنا ابن بشار (واللفظ لابن المثنى)، قالا: حدثنا أمية بن خالد، حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة، وقال: اذهب وادع لي معاوية، قال: فجئت، فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال: لي اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: لا أشبع الله بطنه"حديث (2604).

 

ثم قال: حدثني إسحاق بن منصور أخبرنا النضر بن شميل حدثنا شعبة أخبرنا أبو حمزة سمعت ابن عباس به.

 

فيرى الفطن أن الإمام مسلماً قد ربط ربطاً محكماً بين هذه الأحاديث التي سقناها، وبين الحديث الذي فيه الدعاء على معاوية –رضي الله عنه-، والذي مؤداه الدعاء له، كما أن له -صلى الله عليه وسلم- دعوات أخرى صريحة لمعاوية يعلمها مسلم وغيره من أهل الحديث، فهل هذه الكاتبة تدرك هذا الأمر؟

 

ولنأت الآن إلى كلام الكاتبة في رجال مسلم في إسناد حديث ابن عباس.

قالت: " وفيه محمد بن المثنى العنـزي ، قال صالح جِزَرة : « صدوق اللهجة ، في عقله شيء".

ولم تذكر المصدر الذي نقلَتْ منه هذا الكلام.

والظاهر أن مصدرها "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر -رحمه الله-.

فماذا قال فيه الحافظ؟ وماذا نقل عن العلماء في محمد بن المثنى؟

قال الحافظ في صدر ترجمته: "محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار العنـزي أبو موسى البصري الحافظ".

ثم سرد أسماء شيوخه، ومن روى عنه.

ثم قال:" قال عبدالله بن أحمد عن ابن معين ثقة وقال أبو سعد الهروي سألت الذهلي عنه فقال حجة وقال صالح بن محمد صدوق اللهجة وكان في عقله شيء وكنت أقدمه على بندار([2]) وقال أبو حاتم صالح الحديث صدوق وقال أبو عروبة ما رأيت بالبصرة أثبت من أبي موسى ويحيى بن حكيم وقال النسائي لا بأس به ...وقال ابن عقدة سمعت ابن خراش يقول حدثنا محمد بن المثنى وكان من الأثبات.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان صاحب كتاب لا يقرأ إلا من كتابه وقال الخطيب كان ثقة ثبتا احتج سائر الأئمة بحديثه" . انظر "تهذيب التهذيب" (9/425-427).

 

أقول: وتابع محمد بن المثنى في رواية هذا الحديث في "صحيح مسلم" محمد بن بشار وإسحاق بن منصور، وهما من هما.

وقال الحافظ في "التقريب" فيه: ثقة ثبت.

وقال الحافظ الذهبي في "الكاشف": "محمد بن المثنى أبو موسى العنـزي الحافظ ...ثقة ورع".

 

فلا أدري ما الحامل لهذه الكاتبة على معاملة رجال مسلم بل والبخاري هذه المعاملة المريبة.

 

ثم قالت الكاتبة: " وفيه أمية بن خالد، وهو من الضعفاء[ابن حجر: تهذيب التهذيب: من اسمه أمية]".

 

أقول: وكأن صاحب "تهذيب التهذيب" هو الذي قال فيه من الضعفاء.

فرجعنا إلى "تهذيب التهذيب" (1/371) وإذا بالحافظ ابن حجر يقول فيه:

".....قال أبو زرعة وأبو حاتم والترمذي ثقة...وقال العجلي: ثقة، وقال الدارقطني: ما علمت إلا خيرا، وروى العقيلي في الضعفاء عن الأثرم قال: سمعت أبا عبدالله يسأل عن أمية بن خالد، فلم أره يحمده في الحديث، قال: إنما كان يحدث من حفظه لا يخرج كتاباً، وما أبدى العقيلي فيه غير حديث واحد وصله وأرسله غيره، وذكره أبو العرب في الضعفاء فلم يصنع شيئا".

 

وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق" ، وقال الذهبي في"الكاشف": ثقة.

أقول: وتابعه في شعبة النضر بن شميل كما في صحيح مسلم في السياق نفسه، والنضر بن شميل ثقة ثبت، كما قال فيه الحافظ ابن حجر، وقال الحافظ الذهبي في "الكاشف: "شيخ مرو ومحدثها"، ثم قال: "ثقة، إمام، صاحب سنة".

 

ثم قالت الكاتبة: " وفيه (أي الإسناد) أبو حمزة القصاب، وهو عمران بن أبي العطاء الأسدي، قال أبو حاتم والنسائي» ليس بالقوي، وضعّفه أبو داود".

 

فرجعنا إلى "تهذيب التهذيب" (8/135-136)، فإذا بالحافظ ابن حجر يقول:

"قال أحمد: ليس به بأس صالح الحديث، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: بصري لين، وقال أبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي، وقال الآجري عن أبي داود يقال له عمران الحلاب ليس بذاك وهو ضعيف، وذكره ابن حبان في الثقات. له في مسلم حديث ابن عباس: "لا أشبع الله بطنه" . وقال ابن خلفون عن ابن نمير إنه وثقه".

 

وقال الحافظ في "التقريب": صدوق، له أوهام"، وسكت عنه الذهبي في "الكاشف".

وقال الذهبي في "التذهيب" (7/230)، قال أحمد: صالح الحديث، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم والنسائي وغيرهما: ليس بقوي.

وبالتأمل في أقوال الأئمة في أبي حمزة القصاب: عمران بن أبي عطاء، نجد أن هناك من وثّقه كأحمد وابن معين وابن نمير وابن حبان وابن خلفون.

وهناك من جرحه كأبي حاتم وأبي زرعة والنسائي وأبي داود.

وإذا ألقينا نظرة على جرح هؤلاء الأئمة نجده غير مفسر في مقابل توثيق عدد من الأئمة له.

فلنا في ضوء هذا أن نقول: إن أبا حمزة وهذا شأنه لا يقل عن مرتبة صدوق، وأن حديثه هذا الذي رواه مسلم وغيره حسن يحتج به، لا سيما وهو من رواة مسلم الذي التزم الصحة فيما يرويه، وتلقّت الأمة كتابه بالقبول.

 

10- ثم ختمت الكاتبة مقالها بقولها:

" وهنا أسأل: كيف قبل علماء الأمة بصورة عامة، وعلماء الحديث بصورة خاصة بتصنيف مسلم لمعاوية رضي الله عنه بأنّه ضمن الذين لعنهم الرسول عليه الصلاة والسلام؟

 

أقول: هكذا تتطاول بجهلها على علماء الأمة بالباطل الناشئ عن سوء الفهم حتى للبدهيات، فهذا النووي يترجم للباب الذي ورد فيه الدعاء على معاوية -رضي الله عنه- بقوله: "باب من لعنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سبه، أو دعا عليه، وليس هو أهلاً لذلك، كان له زكاة وأجراً ورحمة".

فلم تستفد الكاتبة من هذه الترجمة، ولم تنـزجر.

فمعاوية -رضي الله عنه- إنما يدخل فيمن دعا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مع أن هذا الدعاء في صالحه إذ يستفيد منه زكاة وأجراً ورحمة وطهورا.

ثم ساق مسلم عدداً من الأحاديث عن عدد من الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- من ضمنها حديث أنس-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "....يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي على ربي أنى اشترطت على ربي فقلتُ: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة".

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يلعن معاوية كما تدّعي هذه الكاتبة، وإنما دعا عليه دعوة من ثمارها أن يجعلها الله له طهوراً وزكاة وقربة، يقربه الله بها منه يوم القيامة.

وهذا من ميزات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخصائصه.

فأين اللعن الذي نزل بمعاوية، والذي قبله علماء الأمة بصورة عامة وعلماء الحديث بصورة خاصة؟

فهذه حملة شعواء من هذه الجاهلة على صحيح مسلم وعلى علماء الأمة، ناشئة عن الجهل وسوء القصد وسوء الفهم.

 

11- ثم تساءلت الكاتبة مرة أخرى، فقالت:

" وهل يُعقل أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام يلعن أحد كتاب وحيه وصحابته، وهو ناه عن سبهم؟ هل نأخذ بهذا الحديث رغم تناقضه مع خلق النبي الكريم لمجرد أنّه ورد في صحيح مسلم الذي استند في روايته على رواة ضعاف؟".

 

أقول:

لم يقل أحد من أهل الحديث وعلماء السنة، بل ولا من الصحابة إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن معاوية، ولم يقل هذا إلا الكاتبة.

فأين هو الحديث الذي ينص على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن معاوية -رضي الله عنه- والذي قبله علماء الأمة بصفة عامة وعلماء الحديث بصفة خاصة، أليس هذا الكلام طعناً وتجهيلاً لعلماء الأمة؟

وهل الدعوة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي ثمرتها أن تصير طهوراً وزكاة وقربة تقرب إلى الله تعد من المنكرات التي يطعن بها في العلماء ويتهمون في عقولهم؟

وهل السب الذي نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمة مثل سبه -صلى الله عليه وسلم- الذي يستفيد منه من سبهم زكاة وأجراً وقربة تقربه إلى الله يوم القيامة؟

ومع هذا نقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يلعن معاوية ولم يسبه كما زعمَتْ الكاتبة، فهذا من جيبها.

ثم أخيراً، هل يلام الإمام مسلم على إيراده أحاديث هذا شأنها، وهذه ثمارها؟؟

وهل يلام علماء الأمة عامة وعلماء الحديث خاصة على قبول هذه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-؟

نعوذ بالله من الجهل والغرور والتعالم.

 

12- ملاحظة: بعد انتهائي من الرد على الحلقة الأولى من مقال هذه الكاتبة سهيلة، اطلعتُ على الحلقة الثانية من هذا المقال وإذا بها تعيد الطعن في صحيح مسلم وغيره من كتب الحديث، مع الطعن في أهل الحديث.

 

قالت: " أواصل الحديث عمّا يتعرض له سيدنا معاوية رضي الله عنه من افتراءات من قبل البعض، وامتدت هذه الافتراءات إلى بعض كتب الحديث مثل صحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد، بل امتدت أيضًا إلى كتب التاريخ التي تدرس في أقسام التاريخ في معظم جامعاتنا في البلاد العربية، مثل: «كتاب تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي» للدكتور حسن إبراهيم حسن، هذا الكتاب كان مقررًا عليّ أثناء دراستي الجامعية في كلية الآداب قسم تاريخ بجامعة الملك سعود، ومعروف أنّ مؤلفه تأثر كثيرًا بأساتذته المستشرقين، ونقل عنهم في كتابه هذا، وممّا نقله عنهم، ما كتبه المستشرق نيكلسون من هجوم على الأمويين، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ومن قول هذا المستشرق «اعتبر المسلمون انتصار بني أمية وعلى رأسهم معاوية انتصارًا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول وأصحابه العداء.. إلى أن يقول «إنّ جمهور المسلمين يرون بين الأمويين رجالًا لم يعتنقوا الإسلام إلّا سعيًا وراء مصالحهم، ولا غرو فقد كان معاوية يرمي إلى جعل الخلافة ملكًا كسرويًا، وليس أدل على ذلك من قوله: «أنا أول الملوك» (د. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماع، (1/ 278، 279)".

 

لقد كانت حملتها في الحلقة الأولى على صحيح مسلم والعلماء الذين تلقوه بالقبول والاحترام على امتداد العصور.

وفي الحلقة الثانية تناولت بالتشويه صحيح الإمام مسلم ومسند الإمام أحمد وبعض كتب الحديث ترى أنها امتدت إليها الافتراءات على معاوية –رضي الله عنه-.

فقرنَتْ بين صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد وبين كتب المستشرقين أعداء الإسلام والمسلمين، ولا سيما كتاب المستشرق نيكلسون الذي يطعن في معاوية -رضي الله عنه- وبني أمية، ومن افتراءات هذا المستشرق.

قوله:

" اعتبر المسلمون انتصار بني أمية وعلى رأسهم معاوية انتصارًا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول وأصحابه العداء.. إلى أن يقول «إنّ جمهور المسلمين يرون بين الأمويين رجالًا لم يعتنقوا الإسلام إلّا سعيًا وراء مصالحهم، ولا غرو فقد كان معاوية يرمي إلى جعل الخلافة ملكًا كسرويًا، وليس أدل على ذلك من قوله: «أنا أول الملوك» (د. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماع، 1/ 278، 279)".

ونقول: ليس في صحيح مسلم ولا في مسند أحمد ولا في كتب الحديث أي افتراء، وإنما الكاتبة هي التي تفتري على أهل الحديث، وتنسب إليهم ما هم منه برءاء كبراءة الذئب من دم يوسف -عليه السلام-.

ومن العجائب أنها نقلتْ قول هذا المستشرق: " اعتبر المسلمون انتصار بني أمية وعلى رأسهم معاوية انتصارًا للأرستقراطية الوثنية التي ناصبت الرسول وأصحابه العداء.. إلى أن يقول «إنّ جمهور المسلمين يرون بين الأمويين رجالًا لم يعتنقوا الإسلام إلّا سعيًا وراء مصالحهم، ولا غرو فقد كان معاوية يرمي إلى جعل الخلافة ملكًا كسرويًا، وليس أدل على ذلك من قوله: «أنا أول الملوك»".

نقلَتْ هذا الكلام الذي نسبه هذا المستشرق إلى جمهور المسلمين، ولم تكذب قائليه من أعداء الله، وكيف ترد هذا الإفك وهي تعتقد أن علماء الأمة بصورة عامة وأهل الحديث بصورة خاصة قد قبلوا تصنيف مسلم لمعاوية -رضي الله عنه- ضمن الذين لعنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

وكيف ترد هذا الإفك وهي تقول: " فمعاوية -رضي الله عنه- افترى عليه المحدِّثون والمؤرخون"؟

هكذا تقول، وهذا الطعن الشنيع في المحدثين يقتضي تفسيقهم وإسقاط مارووه ودونوه في دواوينهم من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم الإمامان أحمد ومسلم.

وألحقَتْ مؤرخي الإسلام بالمحدثين في الافتراء على معاوية -رضي الله عنه-، ولم تُفرِّق بين مؤرخي السنة ومؤرخي الروافض والخوارج، ولا نعلم أن أحداً من مؤرخي أهل السنة افترى على معاوية هذا الافتراء، فطعنها هذا من جنس طعن الروافض والمستشرقين في المحدثين ومؤرخي أهل السنة.

فيصدق على دفاعها عن الصحابي الجليل معاوية -رضي الله عنه- المثل القائل: "يبني قصرًا ويهدم مصراً".

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه

ربيع بن هادي عمير المدخلي

25/5/1433هـ

 ____________________________

[1] وسبب ذلك أنها لا تثق في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في أئمة الإسلام الذين نقلوا هذه الأحاديث والآثار في فضائل هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه .

 

[2] - وبندار هذا هو محمد بن بشار وثّقه كل من الذهبي والحافظ ابن حجر وغيرهما، وهو من رجال الجماعة، ومنهم البخاري ومسلم.


___________________________



منقول من موقع سحاب سابقا

والمقال هو رد من الشيخ ربيع حفظه الله تعالى وأمد بعمره على طاعته, ويبدو أنني لم أنقله كاملا وكان الهدف من نقله إظهار مناقب الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه ردا على من أساء الرواية عنه رضي الله عنه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قطعة فهم مقروء _ صف ثاني

امتحان فهم مقروء ----- للصف الثالث

أسئلة في سورة الغاشية