تفسير الآيات 1-3 من سورة الأحزاب , ابن كثير وعبد الرحمن السعدي رحمهما الله تعالى وفوائد منها

" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3 "( سورة الأحزاب

تفسير أبو الفداء  ابن كثير رحمه الله :

هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى . وقد قال طلق بن حبيب: التقوى : أن تعمل بطاعة الله ، على نور من الله ، ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله ، على نور من الله ، مخافة عذاب الله . 

وقوله : ( ولا تطع الكافرين والمنافقين ) أي : لا تسمع منهم ولا تستشرهم ، ( إن الله كان عليما حكيما ) أي : فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه ، فإنه عليم بعواقب الأمور ، حكيم في أقواله وأفعاله . ولهذا قال : ( واتبع ما يوحى إليك من ربك ) أي : من قرآن وسنة ، ( إن الله كان بما تعملون خبيرا ) أي : فلا تخفى عليه خافية . 

( وتوكل على الله ) أي : في جميع أمورك وأحوالك ، ( وكفى بالله وكيلا ] أي : وكفى به وكيلا لمن توكل عليه وأناب إليه . 


تفسير عبد الرحمن السعدي رحمه الله:

" يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما "

يا أيها النبي دم على نقوى الله بالعمل بأوامره واجتناب محارمه, وليقتد بك المؤمنون; لأنهم أحوج إلى ذلك منك, ولا تطع الكافرين وأهل النفاق.

إن الله كان عليما بكل شيء, حكيما في خلقه وأمره وتدبيره.

" واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا "

واتبع ما يوحى إليك من ربك من فرآن وسنة, إن الله مطلع على كل ما تعملون ومجازيكم به, لا يخفى عليه شيء من ذلك.

" وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا "

واعتمد على ربك, وفوض جميع أمورك إليه, وحسبك به حافظا لمن توكل عليه وأناب إليه.

الفوائد من الآيات للعمل بها وتطبيقها :

1- نداء الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالنبي ولم يناده باسمه يا محمد كما نودي الأنبياء في القرآن الكريم إلا على سبيل الخبر كقوله تعالى " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ."144 آل عمران , وهذا يدل على مكانة وفضل هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .

2- في النداء إخبار بأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا موحى إليه من عند الله عز وجل ففيها إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.

3- يأمر الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالمداومة على التقوى والاستمرار عليه, فمن باب أولى أن يستمر المؤمن على التقوى ويداوم عليه, فالأمر بالتقوى يلزم كل منا مهما بلغت درجته من الإيمان .

4- ينهى الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يطيع الكافرين والمنافقين , فلا يسمع منهم شيئا ولا يستشيرهم بأمر من الأمور لأنهم ليسوا أهلا للاستشارة بل عليه مخالفتهم فيستحيل منهم النفع للإسلام والمسلمين, بل يقع منهم الضرر والإضرار.

5- اثبات صفتي العلم والحكمة لله عز وجل, والعليم والحكيم من أسمائه سبحانه وتعالى وعليه فعلى المؤمن أن يفوض أمره لله تعالى ويستسلم لأوامره ونواهيه وهو يعلم يقينا أن الله تعالى ما يأمره إلا وهو يعلم الخير له ويعلم الحكمة فيما يأمره وينهاه فلا يشغل نفسه بالسبب الذي جعله يأمره وينهاه فلربما لا يهتدي هو للحكمة لأي سبب من الأسباب, بل عليه بالمسارعة لتنفيذ أمره والابتعاد عما نهاه عنه تقربا إليه وطلبا لمرضاته.

6- يأمر الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم باتباع ما أنزل عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية حيث هما الاثنان وحي من الله عز وجل, وهو النبي الذي اصطفاه الله عز وجل  من بين البشر وهو من المنزلة بمكان عند الله عز وجل, فما أخرجه الله عز وجل من اتباع الأوامر وهذا ان دل فإنما يدل ويرد على من يدعي الوصول لدرجة اليقين فيُعفى من الاتباع والعمل كما يدّعي بعض الصوفية , وهذا غلط واضح بل على العبد أن يتبع الأوامر وينتهي عن النواهي مهما بلغت درجته من العلم والعمل حتى الموت وهذا هو اليقين. واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.

7- اثبات أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم أوحي اليه من عند الله عز وجل , حيث يأمره تعالى أن اتبع ما يوحى إليك من ربك.

8- أن الله عز وجل خبير بما نعمل فلنتق الله في كل عمل نعمله ذاكرين أن الله خبير بأعمالنا لا نستطيع إخفاء شيء عنه سبحانه, لأنه عليم ببواطن ما نعمل فلا يخفى عليه شيء من أمورنا التي تخفى علينا وعلى الناس, كما قال تعالى في سورة يونس " وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (61) ففيه اثبات صفة الخبرة واسم الخبير .

9- الأمر بالتوكل على الله عز وجل في كل أمورنا وهو نعم الوكيل القادر العليم الحكيم الخبير, فالله خير حافظا لكمال قدرته وعلمه وحكمته فلنعتمد عليه ولنتوكل عليه , وكفى بالله وكيلا , والتوكل عبادة قلبية لا تجوز الا لله عز وجل فلا نتوكل الا على الله لأنه لا يستحق أحد أن يُتوكَّل عليه وهو قاصر من كل جهة.

10- إذا كان الله عز وجل خبير بأعمالنا فلنعلم أنه مجازينا يوم القيامة بها فلنستعد لذلك ولنتق الله قبل أن يأت يوم لا مرد له من الله.
والحمد لله ربّ العالمين 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قطعة فهم مقروء _ صف ثاني

امتحان فهم مقروء ----- للصف الثالث

أسئلة في سورة الغاشية